
بيت الأدباء والشعراء
التسامح فى الإسلام يحمي الوطن ويحفظ المستقبل -العالم قبل البعثة المحمدية
التسامح فى الإسلام يحمي الوطن ويحفظ المستقبل
-العالم قبل البعثة المحمدية
قبل البدء في الحديث عن السماحة أريد أن أشير إلي الحالة التي كان عليها المجتمع قبل بعثة محمد صلي الله عليه وسلم ،ومدي التغير الذي أحدثه صلي الله عليه وسلم في العقيدة والشريعة والأخلاق والإيمان والقيم والمبادئ .
-حالة المجتمع قبل البعثة المحمدية
كان المجتمع قبل بعثته صلي الله عليه وسلم أشبه ما يكون بالغابة الواسعة يأكل القوي الضعيف، ويظلم القادر العاجز، فقد تحولت الشجاعة إلي همجيه، والجود إلي تبذير وإسراف والذكاء إلي خفة وخداع ، والعقل كان وسيلة للتفنن في ابتكار الجنايات وإرضاء النزوات وعم الظلام القلوب ،وتاه العقل البشري في البحث عن الإله الحق ، ولماذا أُوجد الانسان في هذا الكون ؟ والعقل يضل حين يحاول الوصول لإدراك ما ليس في طاقته ، وبخاصة العالم الأعلى وما يتصل به ، ومن أجل ذلك بعث الله الرسل، ونشأت الفلسفات لتجيب عن هذه الاسئلة . وحدث أن خفت صوت الرسل ،وضاعت معالم الرسالات الإلهية التي أرسلها الله لعباده ، وكانت أجوبة الفلاسفة عن هذه الأسئلة بعيدة، لذا كان العالم لا فرق في ذلك بين بلاد العرب حيث البيت الحرام وبلاد الروم المهد الثاني للمسيحية وبلاد فارس حيث المانوية والزرادشتية والمزدكية وغير هذه البلاد وتلك من أقطار العالم المختلفة في حاجة ملحة لدين جديد ثم جاء صلي الله عليه وسلم ليمحو تلك الصورة القبيحة وينشأ مجتمعه الجديد الصالح لكل زمان ومكان
ملامح المجتمع الجديد :
أَوَّلًا : مجتمع العقيدة
هذا المجتمع يقوم علي الإيمان بالله تعالي وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر
قال تعالى { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)} [ سورة البقرة، الآية : ٢٨٥]
وهذه العقيدة تبني ولا تهدم تجمع ولا تفرق ، لأنها نقوم علي تراث الرسلات السماوية كلها ، وعلي الإيمان برسل الله جميعًا (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) ولهذه العقيدة عنوان يلخصها أو شعار يعبر عنها هو شهادة أن لا اله الا الله وأن محمدًا رسول الله ، ومعناه أن لا معبود بحق إلا الله وأن محمد رسول الله مبعوث من قبل الله – ومعني قيام المجتمع علي العقيدة أن يقوم المجتمع علي احترام هذه العقيدة وتقديسها وتثبتها في العقول والقلوب ويربي ناشئة المسلمين عليها ويرد عنها أباطيل المفترين وشبهات المضلين ويجلي فضائلها وأثارها في حياة الفرد والمجتمع عن طريق الأجهزة التوجيهية التي تؤثر في المجتمع من المساجد والمدارس والصحافة ووسائل الاتصال الحديثة ،ومواقع التواصل الاجتماعي والإذاعة والتليفزيون والمسرح والسينما والأدب بكل فنونه من شعر ونثر وقصص وتمثيل
ثَانِيًا: مجتمع الشريعة
الذي يقوم علي احترام الشعائر والشرائع من اقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله وغيرها من الشرائع ، وإقامة هذه الشعائر و ـتعظيمها دليل علي قوة العقيدة في القلوب واستقرارها في حنايا الصدور قال تعالى { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) } [الحج32]
ثَالِثًا : مجتمع الاخلاق والفضائل
وكما يقوم المجتمع المسلم علي العقائد والشرائع والدين والشعائر والمشاعر والمفاهيم يتميز أيضا بأخلاقه وفصائله ، فالأخلاق والفضائل جزء أصيل من كيان هذا المجتمع ، فهو مجتمع العدل والاحسان والصدق والامانة والصبر والوفاء ، والحياء والعفاف ، والعزة والتواضع والسخاء والشجاعة والإباء والشرف والبذل والتصحية والنظافة والتجمل والقصد والاعتدال والسماحة والحلم والعفو والصفح والإخاء والحب ودعوة الناس الي الخير ولما كان موضوعنا هو السماحة فعلينا أَوَّلًا أن نبدأ بتحرير المصطلحات فما هي السماحة؟
محمد سعيد أبوالنصر