بيت الأدباء والشعراء
قراءة في قصيدة الشاعرة كوثر طوقان
قراءة في قصيدة الشاعرة كوثر طوقان
إطرح قيودكَ وانتفضْ..
إطرحْ قيودكَ كلها..
وارسمْ لأرضكَ ظِلها
وفضاءها ومحلها..
لم يبقْ إلا جرعة للعمر
كيف تعلها؟
إنْ لم تقد أنت السحائب
في المدى وتقلها..
يا صخرةَ الأحلام دُكت
من فراغ ِملها..
ردَّ :
فلترصفي دربآ
أضاعته الخطى.. فلعلها..
.. كوثر طوقان
كم من قصيدة لا يحس بنبضها فتغيب وسط الكم الهائل من الاشعار من غير ان تراقص دقة نبض.. غير ان هذه المرة صادفتني قصيدة نابضة حية نبضاتها كدق الطبول المثيرة للمشاعر قصيدة ذات صرخة مدوية
اطرح قيودك وانتفض
اطرح قيودك كلها
هكذا تستهل الشاعرة كوثر طوقان قصيدتها التي اسميها << صرخة >> حتى وان كانا البيتان امرا في الصيغة لتضمنهما فعل الامر اطرح فهما طلب واستفزااز للمواطن العربي المكبل القاعس عن الذود عن ارضه وبلده ضد كل الاعداء كيفما كانت صفتهم لقد استعملت الفعل اطرح التي فيه القدرة والارادة والاختيار على القيام به بدل من كسر او حطم (بتشديد عين الفعل) اللذين يوحيان بالجهد والكفاح والثورة فالشاعرة تستفز المواطن العربي وتطلب منه ان يطرح قيوده وينتفض ليحصل على حريته اذ لا يمكنه ان يرسم ظل ارضه من غير شمس حيث تقول له
وارسمْ لأرضكَ ظِلها
وفضاءها ومحلها
لان في راي الشاعرة العمر قصير جدا ان لم يسارع في طرح قيوده والمطالبة بالحرية والكرامة في العيش الكريم
لم يبقْ إلا جرعة للعمر
كيف تعلها؟
إنْ لم تقد أنت السحائب
في المدى وتقلها
ان المواطن العربي ان بقي راضيا بقيوده ولم يطرحها فاحلامه ستذرى كغبار صخرة سحقها ملل الفراغ لان الحياة من غير همم وحرية واحلام فهي مملة وفارغة
يا صخرةَ الأحلام دُكت
من فراغ ِملها
في قصيدة كوثر طوقان صرخة استفزاز للعربي كي يطرح قيوده وينتفض ضد الظلم والظلام ففي مقدوره ذلك وقيود العبودية والاسر التي تثقل احلامه ليست من مشيئة الله عز وجل ولا هي من حكم القدر
فلترصفي دربآ
أضاعته الخطى.. فلعلها
ففي كلمة لعلها الكثير من الامل والدفء والنور
كانها تريد ان تقول له ما قاله ابو القاسم الشابي
اذا الشعب يوما اراد الحياة….. فلا بد ان يستجيب القدر
ولا بد لليل ان ينجلي …..ولا بد للقيد ان ينكسر
القصيدة على تفعيلة البحر الكامل متفاعلن التي كساها دقات نبضات قلب متحمس للحرية متفائل فجاءت التفعيلات على هذا الشكل
متفاعلن متفاعلن اطرح قبيودك وانتفض
متفاعلن متفاعلن اطرح قيودك كلها
متفاعلن متفاعلن وارسم لارضك ظلها
متفاعلن متفاعلن وفضاءها ومحلها
متفاعلن متفاعلن متفاع لم يبق الا جرعة للعمر
لن متفاعلن كيف تعلها
فالبيت الخامس التي استعملت فيه اسلوب التدوير حيث قطعت التفعيلة الى شطرين
للعمر/كي لتغير نظام عدد التفعيلات الذي كان تفعيلتين لينتقل الى تفعيلتين ونصف التفعيلة لترسم لنا غصة بعد كلمة جرعة
فالشاعرة كانت تكتب بعفوية تامة فيها الكثير من الابداع لقد رسمت لنا في هذا البيت غصة الالم والحزن من حالة المواطن العربي الراضي بقيوده فجرعة العمر المتبقية كانت غصة في انسياب مشاعر الشاعرة حتى قطعتها الى شطرين وانفعال الشاعرة في هذه القصيدة استمر الى ما بعد البيت الخامس في قولها
إنْ لم تقد أنت السحائب
في المدى وتقلها..
يا صخرةَ الأحلام دُكت
من فراغ ِملها
فهل كان هذا الانقطاع في الآنسياب والآنتقال الى اكثر من تفعيلتين ناجما عن تحسر ام تنهيد ام بكاء ا
مهما حاولت ان اكتب عن هذه القصيدة الصرخة قد لا اوافي حقها في ابراز مواطن جمالها في التعبير والأنسياب والتصوير
محفوظ مصباح