Uncategorized

رؤية نقدية للأستاذ الناقد العراقي / عماد نوير في نص « المخزن » للأديب المصري / محمد البنا ——————————

رؤية نقدية للأستاذ الناقد العراقي / عماد نوير
في نص « المخزن » 
للأديب المصري / محمد البنا
 ——————————

قصة فنتازية تخيّلية بلسان راوي ذاتي من داخل النص، لكنه لا يعود لعالمنا هذا، هو اعتمد على أواصر العلاقة التي كانت تربطه بنا سابقا، حينما كان حيّا يبيعنا الشاي في محطة القطار!

لماذا أصر الكاتب على نقلها لنا بلسان المغادر عنّا، كيف له أن يروي أحداثه التي لم نشهدها؟ لماذا يتكرر المشهد عشرات المرات دون أن يكتمل، و لماذا يحاول الراوي أن يعلمنا أنه مازال في النقطة الأخيرة التي كان بها بيننا؟

إنها عبثية النهاية، و عدم تصديق المغادرة إلى غير رجعة، إنها الامتداد الوجودي للأشياء، و حضورها إلى الأبد، هي لا تقبل الموت، تقبل التوقّف عن المواصلة، على مضض، لكنها ترفض أن تنفصل عن كل ما قدّمته للحياة.

((وقتئذ بالطبع لم أكن أعرف اسمه، فما كان إلا بائعًا للشاي، يدلف للقطار عندما يتوقف لدقائق في محطة بني سويف، ويغادره عندما يتوقف لدقيقتين في محطة الواسطى، وهو أيضًا لم يكن يعرفني، بل ولم يكن ليهتم بمعرفتي))

توقفت الحياة عند نقطة معيّنة، و تابعها في مكان آخر، يصرّ على صب الماء الساخن في كوبي و أنا أصر على محاولة مدّ يدي لرفعه، نحاول أن نواصل الحياة بالطريقة المألوفة سابقا لدينا، لكنها تأبى إلّا أن تأخذ ماهيتها في الاستمرار الذي لا يشبهنا ((ألقى بظلال الألفة بيننا))

الألفة قد تحصّلت بينهما بعد أن فارقا حياة لم يكونا مؤتلفين بها، حياة أخرى ذات خصائص مختلفة.

تبقى صورة الانطباع الأخير سيدة الموقف في كل لقاء، و يبقى الوجه الذي تلتقيه مرة صورة محفوظة في أعماق الذكرى، لعله يصبح يوما ذات منزلة عظيمة في حياتك.

نص ذكي يحاول أن يوصل فكرة المشاهد التي لا تنساها الذاكرة، مادامت هناك أطلالا يقف عليها الشاعر و يلقي قصائد الوله.

خلود المشاهد التي تنتقل معنا إلى دار القرار، فقد نسيء يوما لأحد فلا تعديل له في مكان بعيد، قد ننوي فعل الخير ثم نتماهل، نماطل، لن تنفع المحاولة حين الابتعاد عن مكان القدرة البسيطة هاهنا.!

سرد جميل بكل وصوفه و شخوصه و حواره.

حبك معقّد و ذكي، أشغل عقل المتلقي حتى نال رضاه!

لغة جيدة و خالية من الهنات و الأخطاء.

بالتّوفيق للكاتب.

—————————
 ———————–

المخـــزن

لا يزال عم عبده يحمل بيده براد الماء المغلي، وعلى كتفه صينيةً معدنية تحتضن عددًا من الأكواب البلاستيكية، يقطع المسافة بين مدخل العربة ومقعدي في سرعةٍ خاطفة، استوقفه بإشارةٍ من يدي، ألمح تنهيدة ارتياح تحفر طريقها في آخاديد وجهه، وهو يزيح بكتفه الآخر الرجل الذي يجاوره، ويُفسحُ لصينيته مكانًا 
– سكرك إيه يا بيه ؟
لم أكلف نفسي عناء تحريك شفتيّ، وأكتفيت بإنفراجةٍ بين أصبعيّ .
إلى هنا ينتهى المشهد، ليعاد مراتٍ ومرات، فلا هو صب الماء الساخن في الكوب، ولا أنا تمكنت من مد يدي لأتناوله، وقتئذ بالطبع لم أكن أعرف اسمه، فما كان إلا بائعًا للشاي، يدلف للقطار عندما يتوقف لدقائق في محطة بني سويف، ويغادره عندما يتوقف لدقيقتين في محطة الواسطى، وهو أيضًا لم يكن يعرفني، بل ولم يكن ليهتم بمعرفتي، فما أنا في معتقده البسيط إلا زبونًا أرسله الله له بما قدّره من رزق، ولكن تلازمنا الطويل نسبيًا في تأدية ذلك المشهد، ألقى بظلال الألفة بيننا، حاول كثيرًا أن يملأ الكوب ، وحاولت جاهدًا أن أرفع يدي ، ودائمًا نفشل لنبدأ من جديد، بينما الرجل الذي يجاوره لا يزال يجاوره، وآخرون جالسون في مقاعدهم كأنهم موتى، والعربة المهشمة من أثر الإنفجار، لا تزال مُلقاة في مخزنٍ للنفايات . 
===================================== محمد البنا ============
=============٢أنت وشخص آخر٤ تعليقات

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏جلوس‏‏‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: