
علِّمني يا بحر ..
بقلمي أنور مغنية
سفينة العشق أبحرت
واستعدَّت للغناء…
لم تقصد لغة البعد
ولا البحر يحتضنها سدى
ناداني الليلُ من فوانيسها
لم يعرف الموج تلك الفوانيس من قبل
فأرخى زبَدَهُ للرمل …
يموت الزَّبدُ وتعود الموجة للغناء ….
وحدها السفينة ترقصُ فوق الماء
ويمضي الشراع يتراقصُ
تحت النجوم كخصر حسناء …
أيتها السفينة
هذا الأملُ المقطوع من عينيك
أين المسير ؟
يا نورس الحريَّة
كيف السفينة تذهب أنَّى تشاء الريح
وكيف أنت لا تطير ؟
إلى أين السفينة تمضي
والجزرُ سرق الماء ؟…
وصارت أبعد من المنفى لعيني
كأني الآن أُودِّع كلَّ السفن
وأضيع مع السفينة في الماء…
أنا ما ودَّعتها…
إنما الحبُّ ودَّعني والموت يشهد
ما عدت أعرف الفرق
بين الوداع وبين اللقاء
يأتينا الفراق على حينٍ
لا نعرف أين ومتى وكيف
سوى أننا نعرف أنَّ الموت بقاء…
هي أيضاً كانت تعرف
السفينة تعرف
وتستقبل الرَّعد والبرق
على متنها والعواصف
ولا تتغيَّر… أنا تغيَّرت كثيراً…
لقد تغيَّرت… نعم هاجرت…سافرت
لا أعرف إلى أين
لكنني أبحرت وسافرت
ودخلَت السفينة في العتمةِ
كبنفسجةٍ تفتح فاهاً
تُسلِّم شفةً وتتنهَّد على صدر الليل
والبحر شاهدٌ والسفينة لا تقترب منِّي
تجافيني بمزيدٍ من الغناء..
والكثير من الرقص فوق الماء…
يا أيها البحر
لماذا تلهو بجسد السفينة ؟
لماذا السفينة تتلوَّى على جسدك؟
حاول أن تكون لطيفاً معها
حاول أن ترسمها قمراً
لا تتركها جسداً وشراع
حاول أن ترسمها شهباً وبرقاً
حاول أن تتركها سماء ….
إنَّ ريحك مخيفة يا بحر
تلويني من خاصرتي
كما يخيفني ذاك الغناء …
لا أعرف شيئاً عن سفينتي
أهي امتشقت جسدها عارية
أم انتحَرَت ؟
علِّمني يا بحر …
علمني كلَّ اللغات
وبأية لغة حدَّثتها فذهبت إليك؟.
أنا لا افهم شيئاً…
حتَّى إنِّي لا أفهمني
ولا أعرف أين أبحث
ولا كيف أبحثُ عنِّي
لقد كانت قريبة جدا
أقرب إليَّ من فكري وظنِّي
وكان زجاج ماءك شفافاً
ومخادعاً حدود التمنِّي
الوقت مضى والسفينة بَكَت
إستسلمَت للبحر وأبكتني …
إذهبي ايتها السفينة
فمكان الجرح بارد ..ووطني ضاع منِّي
لماذا بكيتِ وبكيتُ والبحر يسكن دمي
لا تخرجي أيتها السفينة من بحري
ولا تتركي جسمي …
نامي مع الحلم وصيري أنتِ البحر
صيري دمي …
وتعالي معاً نُكملُ الغناء…
أنور مغنية 06 06 2021