
غضبت تركيا من حماس لتسببها في دمار هائل في قطاع غزة بعد أن استثمرت تركيا ملايين الدولارات من ميزانيتها الخاصة في القطاع.
تواصلت تركيا مع السلطة الفلسطينية في هذا الشأن وقالت إنها تود أن تشارك السلطة الفلسطينية في إدارة الأموال التي سيتم تخصيصها لإعادة بناء غزة من الآن فصاعدًا.
قال مسؤولون مقربون من الرئيس رجب طيب أردوغان ، غاضبين من حجم الأضرار التي لحقت بقطاع غزة ، إنه كان من الممكن تجنب هذا الصراع المدمر.
فيما تبدو تركيا مركز حركة حماس في الخارج بالوقت الراهن لاعتبارات متعددة لا علاقة لها فقط بلقاء رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومسؤولين أمنيين أتراك، أخيراً، وإنما الأمر متعلق بالتحركات التي تجريها حركة حماس في الخارج، وتتعلق بكثير من التطورات الأخرى التي تدور في هدوء وبعيداً عن وسائل الإعلام.
تبحث حركة حماس عن موطئ قدم لها في مناطق إستراتيجية جديدة للتواجد، وليس فتح مقر دائم فقط، فهناك نشاط كبير لحماس في الأراضي التركية يديره القيادي في حركة حماس صالح العاروري، والذي طالبت إسرائيل في شروط المصالحة الكاملة وتطبيع العلاقات بإبعاده عن الأراضي التركية، فهو يعد مهندس العلاقات التركية مع حركة حماس، وإن كانت أجهزة الأمن التركية طلبت رسمياً من الحركة تخفيف نشاطه وتحركاته.
من ناحية أخرى، فإن حماس تبحث عن تمويل حقيقي، ودعم مالي وعتاد استراتيجي، وهو ما قد تسهم فيه تركيا دون أن تكون هي الطرف المركزي في هذا الملف، خاصة وأن الحضور التركي في قطاع غزة – في المقابل – يتميز بطابع مصلحي ونفعي وليس تطوعياً، وهو يكاد يشابه ما جرى في اللجنة القطرية لإعمار القطاع، والتي تحولت من دورها التطوعي إلي دور استثماري للعمل في مشروعات تدر عوائد مالية، ثم سريعًا ما تم تدميرها، لذلك غضبت القيادات التركية.
ويشار إلى أن وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) قد أعلنت قبل وقت قريب عن تنفيذ سلسلة من المشروعات الجديدة في قطاع غزة وكذلك الإعلان عن افتتاح مستشفى الصداقة التركي الذي يقام وسط قطاع غزة، ويعد المشروع أكبر المشروعات التركية الداعمة لسكان القطاع، وقد حرصت الحكومة التركية على تسويق هذا المشروع إعلامياً وسياسياً، وبصورة لافتة لتأكيد قدرتها على إتمام مشروعات ضخمة بمفردها ودون اعتماد على أطراف أو مؤسسات مانحة.
هذا ويبقى الهدف الرئيس والمهم للسياسة التركية في الفترة المقبلة العمل على توظيف الملف الفلسطيني بأكمله، وليس قطاع غزة انطلاقاً من تبني أنقرة تيارات الإسلام السياسي، وتركيز المشروع التركي على معادلة تاريخية أطلقت عليها مصطلح “العثمانية الجديدة”، وهي معادلة تريد السياسة الخارجية التركية من خلالها الاستفادة من الروابط التاريخية والثقافية والاجتماعية لبناء عالم أو فضاء جغرافي حيوي للسياسة التركية. وذلك في استحضار للإرث العثماني، لا سيما وأن هذا الأمر تزامن مع تحولات في الداخل التركي على شكل التخلص من الأسس التي قامت عليها الجمهورية لصالح بناء نظام رئاسي أعطى لأردوغان صلاحيات شبه مطلقة.