بيت الأدباء والشعراء

الصدمه

قراءة في نص
الصدمة
للاديبة الواعدة / ايمان البلتاجي
………
عندما يتحول القلم إلى كاميرا، ويتقمص القاص المشهديةالتصويرية حروفًا، ينزفها من معجم قاموسه، ليسبر اعماق شخصيات نصه، ظاهريًا ونفسيًا، فلا شك لدى ان الطرح سيكون بهذا الجمال.
جمل سريعة متدفقة الى اعلى، تلهث فنلهث، تحقن لتهدأ، ونحقن فنزداد توترًا، لانتقال الذروة الحدثية الى معاناة الاب المتحجرة دموعه ظاهريًا، والمدمرة نفسيته نتيجة فقدانه فلذة كبده، وتجمد عقله فيما قبل المنية، ورفضه التصديق بالامر الجلل، يتنازعه مأساة زوجته المكلومة في وفاة ابنهما، ومأساته هو كأب لذات الفقيد.
براعة في تصوير الحركة داخل جدران شقة وبين غرفتين، وزوجة وزوج، وممرضة وطبيب.
حوار بسيط لكنه شديد الشراسة، يتبارى بقوته مع براعة الحركة للشخوص، و وابراز مذهل في دقته لملامح قلق وترقب وحزن وهلوسة، دون ان يشير حرف او كلمة مدونة او تشي بذلك، وانما فقط اعتمدت الكاتبة على تغلغل عدسة الكاميرا الى مخيلة المتلقى فيرى ما تراه، ويدرك ما لم تسجله حروفا.
هنيئا لك هكذا نص، وهنيئا لنا مولد قاصة واعدة.
محمد البنا….٢٠/١٠/٢٠١٩
………..
النص
الصدمة
… .

هذا المساء مختلف تماما.. ليلة حالكة .. عبراتها تنزل وصراخها لا يتوقف ..
تستفيق لتعاود البكاء تجري مسرعة وتجيب وتسأل .. تنادي الممرضة على زوجها فيأتي مسرعًا يضمها حابسًا دمعًا يتراكم في مقلتيه … يمسك يدها برفق فتعطيها الممرضة حقنة تسكن ما بها .. تهدأ فتنام… يجلس بجانبها ويمسح بكفيه على شعرها ويقبل جبهتها ودموعه تنسكب رغمًا عنه …
هل هذه اخر جرعة للمهدئات ؟
– نعم كما قال الدكتور .. ولكنه سيأتي لينظر حالتها .. ربما رجعت الى المستشفى مرة اخرى
فحالتها تزداد سوءا …
يصمت وينظر الى زوجته نظرة شفقة .. وحزن .. يخرج حاملا حزنه العميق الى غرفته المجاورة ..
متى جئت ؟. أنا وأمك في انتظارك .. هي تبكي تشتاقك . يحتضنه بشدة ..
ينهار كنخلةٍصامدة عاندت الرياح الى أن اقتلعتها .
– الدكتور أتى
ارتدى وجهه المتجمد ليذهب إلى الدكتور دون قطرة دمع ..
– حالتها غير مستقرة وفي حالة ضعف شديد ..لابد أن تذهب إلى المستشفى، تحتاج الى تحاليل .. ما يهمني هي أن تكون بخير ..سأتصل بعربة المستشفى لتأتي وتأخذها..
– بل أسرع يا دكتور فهي كل ما تبقى..
يذهب الى غرفته ..هل تأخرت عليك ؟
ينظر الى تابلوه جانب الفراش .. يقبله ويبكي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: