
مقال – 15
بقلم / عنتر الأباصيرى
” منحة الحياة ”
من الصعب جداً إختزال الحياة فى أحد معانيها ، لكنه السؤال الأزلى لكل جيل ولكل
من شب عن الطوق وبدأ يهتم بتوصيف الحقائق ، وأخذ يتتبع مسارات الحياة وينهل
من نهر المعرفة ليوجد معنى لكل شيئ ، حتى يستطيع أن يفهم ويعى ، ويتذوق ويتعلم
ليميز ويسأل ( ماهو معنى الحياة ) ؟ .
إلا أن كل التجارب السابقة لم تحظى بإجماع من قاموا بها على رأى واحد ، او حتى
أراء متقاربة عن المعنى الحقيقى للحياة ، إذ أن لكل تجربة حياة طابع خاص ومتفرد ،
كما أن لكل إنسان بصمتة التى لا تتكرر ومصيره المكتوب الذى لا يتغير .
ولكن الشيئ المؤكد هو أن لكل موجود منحة حياة ، منحهُ إياها من استدعاه
للوجود وهو جل شأنه أعلم بمن خلق وبما يصلحه وينفعه ، وكرم الإنسان
ورفعه فوق كل المخلوقات ، فذلل له السبل وسخر له الكون ، ليخوض إختبار الحياة
وحده كما سيسـأل عن نتائجها وحده ، وهو لا شك حر الإختيار فيما سيُسأل عنه
، حيث انه مفعم بالمهارات اللازمة ليستطيع العيش بسلام فى كل الظروف ، متوج
بعقل مبدع ومثقل بضمير زاجر ، مهيأ لحمل الأمانة وميسر لما خُلق له، وبحوزته
دستورالوجود الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تعاليم السماء التى
لم يخلو منها زمان (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا
نَذِيرٌ) . وفى اخر تطواف رحلة البحث عن إجابة شافية لمعنى الحياة لم أجد إجابة
اكرم و أجل واوضح من هذه الأية الكريمة ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )
صدق الله العظيم .